استنتج الفيلسوف الفرنسي بليز باسكال (من القرن السابع عشر) أن من الأفضل (أو الأربح) الإيمان بالله بدلاً من عدم الإيمان.

لماذا؟

لأن هذا الخيار يقدم لنا الربح الأكبر. 

وهذه هي الاحتمالات:

  • فإذا آمنت به وكان الله موجوداً، فهذا يعني أنك ستدخل الجنة وهذا ربح لامحدود.
  • وإذا آمنت به ولم يكن الله موجوداً، فهذا يعني خسارة محدودة لامتناعك عن بعض اللذائذ والشهوات في الحياة.
  • وإذا لم تؤمن وكان الله موجوداً، فهذا يعني أنك ستدخل النار وهذه خسارة لامحدودة.
  • وإذا لم تؤمن ولم يكن الله موجوداً، فهذا يعني اغتنام بعض الشهوات واللذائذ، فهو ربح محدود.

لذلك يرى باسكال أن من المعقول أن يراهن الإنسان بحياته على أن الله موجود. لأنه إن أصاب فربح لامحدود، وإن لم يصب، فخسارة محدودة.

ويرى باسكال أن اختيار الربح اللامحدود والخسارة المحدودة أكثر منطقية من اختيار الربح المحدود والخسارة اللامحدودة.

يقال إن هذا الرهان (الذي قدمه باسكال في القرن السابع عشر) هو سبق تاريخي في استخدام نظريات الألعاب والاحتمالات واتخاذ القرار بشأن هذا الموضوع الخطير، قبل اختراع هذه النظريات بقرون.

لكن ما علاقة المعري بما يقوله بليز باسكال عن الإيمان بالله بناء على منطق الربح والخسارة؟ 

يقول شاعرنا المعري في القرن الحادي عشر:

زعم المنجم والطبيب كلاهما

لا تحشر الأجساد قلت إليكما

إن صح قولكما فلست بخاسر

أو صح قولي فالخسار عليكما

يقول المعري إنه يعتقد  بوجود الآخرة خلافاً لما يعتقده المنجم والطبيب، أي يعتقد بوجود الثواب والعذاب في الآخرة. فما الذي يدعوه إلى هذا الإيمان؟

لأنه حسب منطق المعري إن صح قولهما أنه لا آخرة، فخسارته لن تكون شيئاً، لكن إن صح قوله بوجود البعث والآخرة (أو حتى وجود الله تعالى) فهما خاسران خسارة كبيرة.

لقد قدم المعري وباسكال الرهان الفلسفي ذاته، لكن بفاصل زمني قدره ستة قرون. ولقد استخدم المعري نظريات الألعاب والاحتمالات واتخاذ القرار في تغليب الإيمان على عدمه قبل اختراعها بألف سنة، وإن لم يتوسع فيها كما فعل بليز باسكال.

يوسف حسين الحمود

List blog