أحد قنوات قصص الأطفال على اليوتيوب لديها حجم مشاهدة تحسد عليه بحق (بارك الله لهم). المجهود المبذول في التصميم والبصريات والإخراج جيد ولافت. لكن اللغة في مأتم وحداد وعويل في معظم يوتيوبات القصص.

من هذه الأخطاء (وجنتاك حمراوتان) والقراءة مليئة بأخطاء التحريك (الفاعل منصوب والمفعول به مجرور وهلم جراً). حتى مخارج الحروف لدى من يقرأ نص الفيديو مصيبة لا تقل عما سبق.

لماذا يظل حظ اللغة (سندريلا العرب) من أهلها حظ سندريلا العاثر (إلا في خاتمة القصة)؟ (لعلنا أزواج أم وزوجات أب وإخوة غير أشقاء بالنسبة للغة، إذا استطردنا في الأمثولة).

لقد كان المعلم في حقب (جيولوجية) سابقة إذا أخطأ في قراءة كلمة أساء إلى 30 طفلاً، وربما ثمة فرصة للتصحيح. وحين كان الخطأ يرد في كتاب مطبوع مثلاً، كان يمكن أن يلحق الخطأ الضرر بآلاف الأطفال.

أما الخطأ الذي يرد اليوم في فيديو قصة أطفال له 10 ملايين مشاهدة إنما هو زلزال يضرب أرض اللغة عملاً بمبدِأ "أثر الفراشة" (رفرفة جناح فراشة في الصين قد تسبب فيضانات وأعاصير في أمريكا أو أوروبا).

تظنها مبالغة؟

الأمر له جوانب أخرى لا يمكن أن يحيط بها محيط في عصر السرعة ووسائل التواصل الاجتماعي وسواها من منصات رقمية اليوم.

ولك أن تتخيل حجم الجهود المهدورة بسبب فيديو واحد من هذا النوع.

لك أن تسأل ما قيمة معاجم وقواميس وكتب لا يفتحها أحد وما قيمة سنوات من التعليم وسلاسل من الندوات والملتقيات والمنتديات والجمعيات التي لا يأبه لها أحد أمام عدة يوتيوبات بعشرات ملايين المشاهدات مما هو مليء بالأخطاء.

ليس هذا الإهمال (لو أحسنا الظن) إلا جريمة بغير قصد بحق جيل كامل، وكارثة حقيقية تصاب بها اللغة (ولا يقل لي أحد "وقفت على اللغة". للمعنيين بأنواع أخرى من الكوارث الِأدهى والأمر أن ينبهوا إليها).

الخطأ هنا 10 ملايين خطأ منقوش في الحجر تساهم في تسديد المزيد من الطعنات إلى اللغة وصولاً إلى خسارتنا إياها خسارة كلية. وبصراحة فاجعة، لم يبق لنا الكثير مما يمكن خسرانه. من هذا القليل هذه اللغة.

على من يتهاونون في أمر اللغة في مثل هذا المقام أن (تحمر وجناتهم).

نداء استغاثة: أليس لهذه اللغة من أمير يقبلها قبلة الحياة؟ 

إذا كنت تهتم للغة العربية أو للغة التي يتعلمها الأطفال هذه الأيام، فتكرم بمشاركة المقال.

List blog

Pages